الأربعاء، مايو ٢٧، ٢٠٠٩

أحدب نُتردام.. تجربة إنسانية شديدة وعميقة

المقدمة:
دائما ما كانت شخصية أحدب نُتردام تستوقفني. هذه التجربة الإنسانية الشديدة العميقة. طالما استوقفني فيها مدى شدة الشعور بالألم في قلب إنسان يريد شئ ما بكل كيانه ونفسه ثم تقف الدنيا كلها أمامه لتمنعه من الوصول لما يريد، وبدلا من أن يجد من يساعده يُنصّب الجميع حوله أنفسهم قضاه يقيموه ويحكموا عليه بالفشل أو بالضعف، وكأن ما هو فيه من عذاب ليس كاف. لطالما أعجبتني هذه القصة جدا ولطالما وددت أن اكتبها مرة أخري بأسلوبي. ما يلى هو ما أتصوره مشهد النهاية.

ملحوظة: هذه الزهرة رغم ذبولها لم تفقد كل صفات الحياة فيها، لم تفقد ألوانها، الأخضر والوردي، لم يُكسَر عودها لم تقع أوراقها.

------------------------------------------------------------------------------
احدب نُتردام: "ها هي أجراس الكنيسة تُقرع، ها هي تُنادي على الناس للصلاة، للتنسُك، للاعتراف بالخطايا والذنوب، للتبرؤ من كل ما هو دَنيّ، من كل ما هو ليس "هو" (الله)، من كل قبيح. ولكن ماذا لو كان القُبح جزء منك؟ ماذا لو كان الكريه فيك لحم حي يجري فيه الدم فيشعر ويحس؟ ماذا لو كان النقص المعيب فيك عروق تجري فيها الحياة؟ أنا أعرف من أنا، أو بالأحرى ما أنا. أنا نصف إنسان ونصف شيء. أنا مسخ إنسان، ولكني إنسان. أنا نصف كائن، نصف حي، نصف إنسان ولكني إنسان. أنا آكل وأمشي وأحسُ بكل ما تشعرون به. تؤلمني وخزات الصقيع في فجر الشتاء البارد، و تؤلم جلدي نظرات العيون المشمئزة، ويُدميني القبح.
أعلم أني نصف إنسان ونصف حيوان ونصف شيء. أعلم أني نصف حالة، ولكني أحب. أحب أزميرلدا الجميلة. كل ما فيّ يحبها، يحب كل ما فيها. أًذني اليُمنى لا تسمع. مساحة صوتها أعرض مما يمكن لأذني اليسرى أن تسمع. عندما تُغني يأتيني صوتها من بعيد ضعيفًا، ولكني أحبه. لا أسمع كل ما تقول، لا أفهم كل ما تقول، ولكني أحب ما تقول. أحب ما أفهم. كلما سمعتها أعزف على قيثارتي ألحانًا أعرف أنها لا تحتويها ولا تحتوي شجونها وأغانيها ولا جمال صوتها، ولكنها تتناغم معها. أنا دائما انتظرها وأنتظر صوتها وغناءها في كل يوم، في كل لحظة.
أراها بعيني اليُمنى جميلة رشيقة تتهادى في الأماكن مثل الفراشة، لفتاتها رقصة باليه ممتدة ذات حركات متناغمة متكاملة، تنساب في الفراغ فتجمع أشلاءه المتناثرة في انسياب مترابط، فيصبح لحركة الكون معنى. أعلم أن لا بصيرة لعين واحدة. أعلم أني لا أرى روحها ولا أرى كل ما يجول ببالها، لكني أحب ما أرى قدر ما أراه. وأعلم أن قبحي يؤذيها وأن حب قبحي لها يؤذيها. أه!! صوت أجراس الكنيسة يؤلمني، قرع خُطى أب الإعتراف الثقيلة يؤلمني. أنا أحب أزميرلدا، أنا أحب أزميرلدا بكل ما فيّ. أحبها بكل جمالها الذي لا يعتريه ما فيّ من عطب. بكل ما أعرف أنه فيها ولا أعرفه، وبكل ما أعجز عن تمنيه لنفسي لأستحقها، أحبها بكل ما فيها وكل ما فيّ. أنا أحب أزميرلدا بكل جمال وكمال أزميرلدا. أنا أحب أزميرلدا بكل ما فيّ من قبح." تمت


الأربعاء، مايو ٢٠، ٢٠٠٩

The Love of a Horse - Air

I remembered this post that I've written some time ago as I'm going these days back to the equestrian classes, ones that I had to stop for some time.
“Oh no! not a lounge class again. I hate those beginners. Their classes are very boring. Oooh yeah! It’s the funny girl who smells like vanilla. Ok. I like her classes. Hi girl! Where are my carrots? Don’t tell me you haven't brought any! ……. aah. After class. Ok. That’s a fair deal. Let’s finish work then eat & play. Come on. Jump over. Let’s go”.

And I went with her to the arena where we’re going to have our class. I did the usual stretching. It was the stage of riding where I’m supposed to start depending well enough on my legs & stop throwing my weight on the horse’s “raabeia” (something like a necklace worn by the horse for beginners to use).

I was told to order the horse to start trotting. I did.. the horse started trotting and we went in circles in the arena. I left the necklace. I went with the flow of the horse’s trotting.. I trusted the rhythm.. trusted myself and trusted the horse.. I stretched my arms in the air like a bird & I closed my eyes.

Air.. air was all I could feel. Air was everywhere. I felt the air blowing around my flying arms.. touching the tips of my fingers. I felt it playing with my veil.. touching my cheeks.. puffing at my eye lashes.. carrying me.. lessening my weight on the horse’s back. And I deeply inhaled as if it were the first time to breathe. I felt the air entering my lungs.. filling up my lungs.. I kept it in. I felt air everywhere.. outside, inside & all around. That was a whole lifetime in a moment. That was a moment to live. It was air.. air all around.

P.S. I owe this moment to my very close friend and brilliant equestrian trainer Captain Ayman El-Qady. The attached picture as well is taken from his blog.
Thank you.


الاثنين، مارس ١٦، ٢٠٠٩

قصة الحب - الشرقية الغربية



I still remember the comment of one of my Prof.s in the Faculty of Arts in one of my master's degree courses of comparative literature where he gave an intensive expression of admiration to Vangogh's Sunflowers' paintings. How lively, alive & true they are

Open one or both of these links. This is one of the Spanish masterpieces. Find below the English lyrics

http://www.4shared.com/file/27571001/fb2ea1d6/historia_de_un_amor.html?s=1 http://www.4shared.com/file/53741546/f30fc54b/guadalupe_pineda_-_historia_de_un_amor.html?s=1

قصة الحب - الشرقية الغربية
دائما ما كنت أقرأ لكثير من الفلاسفة والمفكرين يقولون أن الحقيقة نسبية؛ لا يوجد حقيقة معينة واحدة إنما هناك تصورات مختلفة (وإدراكات مختلفة إن صح التعبير) للحقيقة. لم أفهم قَط هذه الفكرة. ’كيف يكون هناك أكثر من حقيقة للشئ الواحد، و أحياً حتى تتناقض هذه التصورات. هذا تخريف فلاسفة!!’ بهذه البساطة المريحة استقرت الفكرة لسنين و نسيتها و لم تؤرقني بعدها أبدا. حتى جاء يوما قرأت فيه جزءا من رواية أهداف سويف "خارطة الحب" The Map of Love الذي تحكي فيه الراوية عن الفترة التى قضاها كل من شريف باشا و الليدي أننا بعيدا عن بعضهم البعض بعد أن تعارفا و قضيَ مع بعضهما البعض أسبوعين في رحلة صحراوية من القاهرة إلى سيناء.
اعتصر الفكر كل منهم في وحدته ظنا منه أن الأخر بالتأكيد قد نسيه وهو الآن يعيش وجوداً مفعماً بالحياة لا يعبأ بالطرف الأخر المنسي. أجادت الكاتبة عرض هذه الأسباب العقلانية المنطقية جدا والمغلفة بعاطفة رقيقة و شوق للطرف الأخر لا يخلو من شجن أورثته التجربة الحياتية وسن كل من بطلي القصة. يعرض كل منهم وجهة نظره بصورة مقنعة جدا يرى القارئ نفسه فيها بشكل أو بأخر. هي تعتقد أن هذا الرجل الوطني الجاد لن يضيع وقته الثمين في التفكير في امرأة إنجليزية من المحتليين تاركا قضايا بلاده التي قضى حياته يدافع عنها، وهو يعتقد أنها لن تضيع وقتها تفكر في مجرد أحد مواطني هذه الدولة و إن كان ذو حيثية أو سلطة أو تعليم وثقافة أفضل، لابد أنها تقضي وقتها مستمتعة بصحبة من هو أفضل منه من رجال دولتها ذات الحضارة الزاهرة.
يا إلهي!! للنفس البشرية قدرة غريبة على فهم وتفسير - و بالتالي تقييم - معطيات واقعها بصور مختلفة من شأنها أن تعتصر الحياة من هذه الحياة أحياً، أو أن تضفي على هذه الحياة وجودا ملئا بالحياة في أحيان أخرى. قدرة غريبة للنفس البشرية على إفساد الحياة على نفسها. يا إلهي!! كم من الوقت قضيته وأنا أفسد على نفسي أغلى أيام حياتي، أفكر في معطياتها على أنها أقل مما أستطيع أن أسعد به؟!! كم من الوقت أنفقت و أنا أفقد يوما بعد الأخر جزءاً بعد جزء مما بناه فيّ أبوايا من الثقة بالنفس وأنا أفكر في حياتي التي تفتقر إلى كثير مما اعتبره مقاييس الحياة السعيدة. كم من المشاعر والعمر اهدره هاذان الحبيبان وهم يشكّون في قيمتهم ويشكون ألماً هم السبب الأساسي فيه. لو امتلك طرفاً منهم ما يكفي من الثقة في النفس وفي الأخر لما تكبدا كل هذا الهدر للمشاعر وكل هذا العناء. لو كنت أعرف وأنا أصغر في العمر أن أغلى ما أورثاني إياه أبوايا هو ثقتي في نفسي وفي قيمتي وفي حقي المتوازن في الحياة، لما أضعت كثيرا من عمري أطعن ثقتي في نفسي بتقييمي لمُحصِلات حياتي على أنها قليلة. الآن وأنا أقترب من منتصف الثلاثينات أعرف لنفسي حقها وقدرها المتوازن؛ لست ملاكاً ولا أنفس دُرة على وجه الأرض.. أعرف، ولكن لست قليلة النفع أيضا. الآن فهمت ما عناه الفلاسفة بنسبية الحقيقة. نعم، الحقيقة في تقييم التجربة الإنسانية الشخصية نسبي، ولكن الفضل كل الفضل أن يغمر الإنسان هذا التقييم بالتوازن الصحي بين الأتضاد، و هذا ما كنت أفتقر إليه أنا سابقا.
والأن، وأنا في هذه السن الأكثر تعقُلاً، وبعد أن افترقنا، الآن وأنت بعيد، بعيد عني، ويقتلني الشوق إليك، استطيع أن أصارح نفسي بأن مشاعري نحوك قد غلبتني، وأنها تؤلمني، وأنه لا عيب في ذلك. وأني أستطيع السيطرة عليها ومنعها من ارتكاب أي حماقات، ولا مجد في ذلك.
أعرف أن تماسكك ولامبالاتك أمامي حين نتقابل يخفيان جبالاً من الحب اليائس الحزين، ولا عيب في ذلك. وأعرف أن رغم سوء طباعك إلا أن فيك من المميزات الكثير، ولا مجد في ذلك. وأعرف أننا ابتعدنا لأننا نريد من الحياة أشياء مختلفة، ولا يعيبنا ذلك. وأعرف أن الوصول لقمة الحكمة في فهم نسبية الإدراك لن ينفع قصتنا في شئ. ولا عزاء لذلك.

The Map of Love, by Ahdaf Soueif
"The days pass, and the happiness I felt in the Sinai has shrunk and compacted itself into a knot of misery lodged underneath my heart. Every morning I wake to its heaviness weighing me down and then the thought: he has not written. He has not called. I believe I know now that he will not… But I cannot seem to shake off this restless unhappiness. I have told myself that I imagined a feeling that did not exist. That for him I was nothing more than an eccentric Englishwoman to whom he was obliged to be courteous while she was in his care. That he does not give a thought for me."

"How can he permit himself to think that an understanding might be possible between them? It cannot be. In any case she would have forgotten him by now. Or, if not forgotten, he would have receded into an exotic part – a remote part – of her Egyptian journey. A better kind of 'Native' she had travelled with in the desert and spoken with one night in a moonlit garden. And now she is back where she belongs… with her own people."
The story of a love
You're no longer by my side, my love
And in my soul I have only loneliness
If I can no longer see you
Why did God make me love you
To make me suffer more.
You were the reason for my existence.
Adoring you, for me, was a religion.
In your kisses I've found
The warmth that gave meThe love and the passion.
That's the story of a love.Which has no equal
That made me understand
All the goods, all the bads
That gave light to my life
Then turned it off
Oh what a dark life
Without your love I will not live
That's the story of a love

الجمعة، فبراير ٠٦، ٢٠٠٩

معرض الفنان المصري العالمي الراحل محمد رزق - حوار الحديد و النحاس

أسفي عليك لا يخلو من الفرحِ
و فرحي لك لا يخلو من الحزنِ.
أنت في دار الحق تنعم بصالح العملِ
و نحن في دار البتلاء نحترق بالشوقِ
مي محمد رزق
* توفى إلى رحمة الله الفنان المصري العالمي محمد رزق في 17/8/2008. سيقام أول معرض بعد وفاته الشهر الحالي (فبراير) في المركز المصري للتعاون الثقافي الدولي - قاعة الدبلوماسيين الأجانب (11 ش شجرة الدر - الزمالك) حيث سيقام الإفتتاح يوم الثلاثاء 17 فبراير2009 في تمام الساعة 8 مساء.

الأحد، يونيو ٢٩، ٢٠٠٨

Egyptians.. The humming birds




When I walk on the street and pass by people, very often do I hear them singing to themselves, very often do I hear them humming. Sometimes it's easy to figure out what they are singing, sometimes not. I hear women; old & young. I hear men. I hear children. It always attracts my attention how they do this.
Some of them walk in the streets with a slow pace, lowering their heads, keeping their faces & eyes down & singing to themselves very melancholic melodies with very low voices. It's as if they don't see or can't feel the presence of other people around them, or maybe they think that others share their mood & thus will act in the same way or at least will accept this behavior.
Others walk with a steadier pace, with their heads held up and their eyes looking ahead of them. Their eyes fall on the passenger coming in the opposite directions, move to the next and then to the next as if they haven't seen any of those people. This type usually hum a melody that is quite fast compared to the previously mentioned one, but they both share this feeling; that they either don't feel the existence of the rest around them or expect some compassion based on resemblance of mood.
Another type walks with a much slower pace than the rest, with their heads, foreheads and chins almost reaching the sky. Their eyes are escaping the people on the street and their chords are humming a tune that is clearly a lonely escaping melody. It's as if they are so much focusing on the thought of flying away, I don't know where, maybe to the sky.
They differ in a lot of things; their ages and looks, their pace of walking, the directions they are going in, the way their eyes look, and the tunes they are humming. However, they are all humming some sad tune, they all look desperate and lonely. And what is adding to their loneliness is their indifference to those who are around them. If they had cared to listen to each others' tunes, they would have noticed that they all have melancholy in common and they would have, accordingly, tuned in to each other's melody; united the tune and the rhythm, and made a huge chorus sharing the same pains, depressions, and hopes; humming one note in the hope of being heard one day by the heavens. One thing I know for sure about my people, they are group of scattered humming birds.
* The picture attached is a copper artwork done by the Egyptian sculptor Mohamed Rizk.

الثلاثاء، مايو ١٣، ٢٠٠٨

النحلة زينة و صديقها نحّول.. و الإسلام



عندما كنت صغيرة كنت أشاهد في التلفزيون كرتون أحياً كان يُعرض مدبلجا بالعربية و أحياً كان يُعرض في صورته الأصلية باللغة الإنجليزية. كانت حلقات متصلة منفصلة تقوم ببطولتها شخصية كرتونية تسمى النحلة "زينة" و معها صديقها، الذي كان يصغرها في السن و الحجم، أعتقد أن اسمه كان "نحُول". كانت زينة على ما يبدو منتمية دراسيا إلى إحدى الجامعات و كانت تسعى للحصول على شهادة التخرج من هذه الجامعة. كانت الجامعة أو مجال الدراسة هو الأعمال الخيرية، و لذا لزم عليها أن تقوم بمجموعة من الأعمال الخيرية (وهي بشكل أساسي مساعدة الناس) و التي تدونها في كراسة. تكسبها هذه الأعمال نقاط و مجموع النقاط سيؤهلها للتخرج.

تجلس زينة و صديقها نحول على شجرة في أول كل حلقة يتكلمون عن القصة أو الشخصية موضوع الحلقة وتقول زينة كم تتمنى أن تساعد هذه الشخصية المأزومة. تدور أحداث الحلقة و تساعد زينة الأبطال في حل مشاكلهم ثم تنتهى المشكلة في كل آخر الحلقة تجلس ثانيا مع نحول على الشجرة و في يدها هذه المرة الكراسة تكتب فيها هذه المهمة و النقاط التي تساويها و تحلم بالتخرج. لا أنسى أبدا شكل النحلة زينة و هي واضعة كفها على خدها و ناظرة إلى الأعلى و تقول لنحول كم أتمنى أن أصل إلى العدد المطلوب من النقاط لكي أتخرج.

الآن، و بعد كل هذا العمر وبعد حياة حافلة أوصلتني إلى سن الثالثة والثلاثين، و بعد عمر من التربية الصوفية العائلية المنضبطة جدا، و بعد فهم معنى التخرج من جامعة التربية الصوفية، و بعد كثير من دروس الفقة، و بعد القراءة في الإسلام و عن الإسلام، و بعد كل شيء، أتذكر النحلة زينة و أفكر فيها، في أعمالها الخيرية و مساعدة الناس، و في شوقها للتخرج من الجامعة، و أرى فيما كانت تفعل و تحلم به لُب الإسلام في تواضع و بساطة ورقة متناهيين. أرى فيما كانت تفعل و كل ما كانت تحاول جمعه من نقاط هو ما يحاول عمله كل من يعتبر نفسه إنسانا متدينا بصرف النظر عن دينه.

من أين أتى إذا كل هذا التعقيد في المُعتقَدَ الإسلامي الذي يرفع لواءه بعض الناس الآن والذي يحمل كم هائل من التحيُزات و التحامُلات و تفاصيل "افعل و لا تفعل"؟ أتمنى أن أعود طفلة ثانيتأ و أن أقابل النحلة زينة الرقيقة البسيطة الخيّرة و أن أسألها عما فعله الناس بالخير.

السبت، مارس ٢٢، ٢٠٠٨

حاسب على جلبي حاسب – زيارة للسيد البدوي

حاسب على جلبي حاسب – زيارة للسيد البدوي

أحب هذه الأغنية "حاسب على جلبي حاسب" منذ كنت طفلة صغيرة جدا، ذلك لأني أرى فيها شجن شرقي مصري عميق و مؤثر جدا، عبر عنه الشاعر الكبير الأبنودي دون الحَط من كبرياء المتحدث. غنى هذه الأغنية المطرب الموهوب ذو الصوت المصري المتوازن الجميل "محمد ثروت". محمد ثروت ضيع موهبته في الهتاف و لو أنه استمر في هذا اللون لكان له شأن في هذا اللون الموسيقي المصري الأصيل. سمعت الصيف الماضي أنه إما يعيش في طنطا الآن ليكون إلى جانب السيد البدوي أو أنه يذهب إلى هناك في مولد السيد البدوي لينشد ويمدح و يُحيي هذه الليالي المميزة. يبدو أنني سعدت بهذا الخبر أكثر مما توقعت من نفسي، لدرجة أنه يبدو أني قررت استبدال كل تاريخ محمد ثروت الذي لا يعجبني بالحقيقة الحاضرة و هو أنه الآن منشد السيد البدوي. أصبح محمد ثروت يرطبت عندي بالسيد البدوي.

عُقد مولد السيد البدوي في الشهور الماضية. تمنيت جدا أن ازوره خاصة في المولد ولكني أعرف أن هذا لون من الإنتحار حيث أن المولد يحضره أكثر من نصف مليون نسمه. المهم أن المعجزة حدثت ووُجِدت لي طريقة عائلية آمنة للذهاب في يوم من الأيام في وسط أسبوع المولد حيث المكان أقل ازدحاماً.

دخلت مدينة طنطا لأول مرة و كانت الدنيا ليلا حيث كان المُقرر أن نحضر ليلة ذكر من ليالي المولد و التي تقام بعد صلاة العشاء. خطر على بالي طبعا عند دخول ميدان السيد البدوي صوت و أغنية محمد ثروت الرائعة التي غناها مستخدما فيها اللهجة الريفية في نطق كلمة "قلبي" لتكون "جلبي".

"حاسب على جلبي حاسب لما تسلم عليّ
حاسب على يدي حاسب لحسن جلبي في إداي"
نعم حاسب على (برّاحه) و أنا أري كل هذه الأنوار، وكل هذه الزينة للاحتفال، وكل هذا الشعور الفظيع بالتأخر جدا في المجيء، وكل هذا الشعور بهدر العمر والمواهب. كان يجب أن أجيء هنا من سنين. كان يجب أن يعيش محمد ثروت ماضي مختلف في رفقة هذا العابد المختلف.

"لما تسلم عليّ
ياللي شفايفك ناي
قلبي يقوم مخطوف
وأموت قوي مالخوف
و مشوفش بعنيه بكل قلبي أشوف
كل الحياة تتحب معرفش ليه وازاي
حاسب حاسب على جلبي حاسب لما تسلم عليّ لحسن جلبي في إداي حاسب"
الرهبة لا تُصف عند دخول المقام ذا السقف العالي و الأضواء الخضراء و القاعة الواسعة شبة الخالية من الناس. تمشي ناحية المقام و أنت تسلم و تصلي على الرسول(عليه الصلاة و السلام) و يزيد داخلك الشعور بالحنان والسكينة و الرهبة. يتوقف الإدراك بالنظر فعلا عند لحظة ما و يبدأ القلب في التواصل مع المنتقل.. الحاضر. تسلم و يسلم، تتكلم و يسمع (بالتأكيد السيد البدوي يسمعنا و يرانا، ربنا قادر على كل شيء) ، سبحانه من يؤنس القلوب ببعضها. سبحان من يصنع الحُجُب ثم يرفعها.

"لما تسلم عليّ
تمشي الفرحة معايّ
ياللي عينيك أغلاك
و ضحكتك أحلاك
أحلى ما في الدنيا أنّي أكون وياك
وأحلى ما في عمري إنك تكون ويّايّ
حاسب حاسب على جلبي حاسب لما تسلم عليّ لحسن جلبي في إداي حاسب."
فعلا تمشي الفرحة معاي و تصحبني بعدها فترة في حياتي. فترة من الحالة المزاجية المتوازنة تقف في وجة تشوهات الحياة اليومية. أحلى ما في العمر أن يكون فيها من تثق به و تأنس إليه ليدلك على علاقة أرقى بالله، علاقة فيها أبعاد آخذه في الترقى و التطور الدائم. و تمشي و أنت بين العزم القوي على المجيء مرة أخرى و بين التوسل له أن يدعوك لزيارته مرة أخرى قريبة قبل أن ينتهي بك العمر. و تسلم و تمشي و أنت تسأل من أنت الآن بعد هذه الزيارة.

"لما تسلم عليّ
أفرح بعمري الجايّ
تبقى الليالي نهار
وامشيلك المشوار
و في قلبي سر غريب من أجمل الأسرار
أنت حياة قلبي و أنت جرحي و دوايّ
حاسب حاسب على جلبي حاسب لما تسلم عليّ لحسن جلبي في إداي حاسب"

http://www.4shared.com/file/19161264/a6db31a9/___online.html?s=1