
دائما ما كانت شخصية أحدب نُتردام تستوقفني. هذه التجربة الإنسانية الشديدة العميقة. طالما استوقفني فيها مدى شدة الشعور بالألم في قلب إنسان يريد شئ ما بكل كيانه ونفسه ثم تقف الدنيا كلها أمامه لتمنعه من الوصول لما يريد، وبدلا من أن يجد من يساعده يُنصّب الجميع حوله أنفسهم قضاه يقيموه ويحكموا عليه بالفشل أو بالضعف، وكأن ما هو فيه من عذاب ليس كاف. لطالما أعجبتني هذه القصة جدا ولطالما وددت أن اكتبها مرة أخري بأسلوبي. ما يلى هو ما أتصوره مشهد النهاية.
ملحوظة: هذه الزهرة رغم ذبولها لم تفقد كل صفات الحياة فيها، لم تفقد ألوانها، الأخضر والوردي، لم يُكسَر عودها لم تقع أوراقها.
------------------------------------------------------------------------------
احدب نُتردام: "ها هي أجراس الكنيسة تُقرع، ها هي تُنادي على الناس للصلاة، للتنسُك، للاعتراف بالخطايا والذنوب، للتبرؤ من كل ما هو دَنيّ، من كل ما هو ليس "هو" (الله)، من كل قبيح. ولكن ماذا لو كان القُبح جزء منك؟ ماذا لو كان الكريه فيك لحم حي يجري فيه الدم فيشعر ويحس؟ ماذا لو كان النقص المعيب فيك عروق تجري فيها الحياة؟ أنا أعرف من أنا، أو بالأحرى ما أنا. أنا نصف إنسان ونصف شيء. أنا مسخ إنسان، ولكني إنسان. أنا نصف كائن، نصف حي، نصف إنسان ولكني إنسان. أنا آكل وأمشي وأحسُ بكل ما تشعرون به. تؤلمني وخزات الصقيع في فجر الشتاء البارد، و تؤلم جلدي نظرات العيون المشمئزة، ويُدميني القبح.
أعلم أني نصف إنسان ونصف حيوان ونصف شيء. أعلم أني نصف حالة، ولكني أحب. أحب أزميرلدا الجميلة. كل ما فيّ يحبها، يحب كل ما فيها. أًذني اليُمنى لا تسمع. مساحة صوتها أعرض مما يمكن لأذني اليسرى أن تسمع. عندما تُغني يأتيني صوتها من بعيد ضعيفًا، ولكني أحبه. لا أسمع كل ما تقول، لا أفهم كل ما تقول، ولكني أحب ما تقول. أحب ما أفهم. كلما سمعتها أعزف على قيثارتي ألحانًا أعرف أنها لا تحتويها ولا تحتوي شجونها وأغانيها ولا جمال صوتها، ولكنها تتناغم معها. أنا دائما انتظرها وأنتظر صوتها وغناءها في كل يوم، في كل لحظة.
أراها بعيني اليُمنى جميلة رشيقة تتهادى في الأماكن مثل الفراشة، لفتاتها رقصة باليه ممتدة ذات حركات متناغمة متكاملة، تنساب في الفراغ فتجمع أشلاءه المتناثرة في انسياب مترابط، فيصبح لحركة الكون معنى. أعلم أن لا بصيرة لعين واحدة. أعلم أني لا أرى روحها ولا أرى كل ما يجول ببالها، لكني أحب ما أرى قدر ما أراه. وأعلم أن قبحي يؤذيها وأن حب قبحي لها يؤذيها. أه!! صوت أجراس الكنيسة يؤلمني، قرع خُطى أب الإعتراف الثقيلة يؤلمني. أنا أحب أزميرلدا، أنا أحب أزميرلدا بكل ما فيّ. أحبها بكل جمالها الذي لا يعتريه ما فيّ من عطب. بكل ما أعرف أنه فيها ولا أعرفه، وبكل ما أعجز عن تمنيه لنفسي لأستحقها، أحبها بكل ما فيها وكل ما فيّ. أنا أحب أزميرلدا بكل جمال وكمال أزميرلدا. أنا أحب أزميرلدا بكل ما فيّ من قبح." تمت