الثلاثاء، مايو ١٣، ٢٠٠٨

النحلة زينة و صديقها نحّول.. و الإسلام



عندما كنت صغيرة كنت أشاهد في التلفزيون كرتون أحياً كان يُعرض مدبلجا بالعربية و أحياً كان يُعرض في صورته الأصلية باللغة الإنجليزية. كانت حلقات متصلة منفصلة تقوم ببطولتها شخصية كرتونية تسمى النحلة "زينة" و معها صديقها، الذي كان يصغرها في السن و الحجم، أعتقد أن اسمه كان "نحُول". كانت زينة على ما يبدو منتمية دراسيا إلى إحدى الجامعات و كانت تسعى للحصول على شهادة التخرج من هذه الجامعة. كانت الجامعة أو مجال الدراسة هو الأعمال الخيرية، و لذا لزم عليها أن تقوم بمجموعة من الأعمال الخيرية (وهي بشكل أساسي مساعدة الناس) و التي تدونها في كراسة. تكسبها هذه الأعمال نقاط و مجموع النقاط سيؤهلها للتخرج.

تجلس زينة و صديقها نحول على شجرة في أول كل حلقة يتكلمون عن القصة أو الشخصية موضوع الحلقة وتقول زينة كم تتمنى أن تساعد هذه الشخصية المأزومة. تدور أحداث الحلقة و تساعد زينة الأبطال في حل مشاكلهم ثم تنتهى المشكلة في كل آخر الحلقة تجلس ثانيا مع نحول على الشجرة و في يدها هذه المرة الكراسة تكتب فيها هذه المهمة و النقاط التي تساويها و تحلم بالتخرج. لا أنسى أبدا شكل النحلة زينة و هي واضعة كفها على خدها و ناظرة إلى الأعلى و تقول لنحول كم أتمنى أن أصل إلى العدد المطلوب من النقاط لكي أتخرج.

الآن، و بعد كل هذا العمر وبعد حياة حافلة أوصلتني إلى سن الثالثة والثلاثين، و بعد عمر من التربية الصوفية العائلية المنضبطة جدا، و بعد فهم معنى التخرج من جامعة التربية الصوفية، و بعد كثير من دروس الفقة، و بعد القراءة في الإسلام و عن الإسلام، و بعد كل شيء، أتذكر النحلة زينة و أفكر فيها، في أعمالها الخيرية و مساعدة الناس، و في شوقها للتخرج من الجامعة، و أرى فيما كانت تفعل و تحلم به لُب الإسلام في تواضع و بساطة ورقة متناهيين. أرى فيما كانت تفعل و كل ما كانت تحاول جمعه من نقاط هو ما يحاول عمله كل من يعتبر نفسه إنسانا متدينا بصرف النظر عن دينه.

من أين أتى إذا كل هذا التعقيد في المُعتقَدَ الإسلامي الذي يرفع لواءه بعض الناس الآن والذي يحمل كم هائل من التحيُزات و التحامُلات و تفاصيل "افعل و لا تفعل"؟ أتمنى أن أعود طفلة ثانيتأ و أن أقابل النحلة زينة الرقيقة البسيطة الخيّرة و أن أسألها عما فعله الناس بالخير.