رحلتي والأفيال الأربعة – الحلقة الثانية – اللقاء مع الفوكس
في ريسبشن الأُوتيل:
منذر: أوعي يكون حمام الغرفة أي كلام.
كمال: أنا عايز السرير بعيد عن الشباك، يعني في الدفا.
هيام: أنا عايزة فيو البحر واسع.
أمل: أنا عايزة الغرفة في دورعالي بعيد عن دوشة الشارع.
أنا: مساء الخير، لو سمحت عايزة الغرفة اللي ممكن ينزل فيها وزير الإسكان لو جِه عندكم.
الريسبشنيست: نعم؟!!
أنا: عايزة غرفة دفا وعلى البحر وهادية وحمامها مريح.
الريسبشنيست (بأدب وحرارة صادقين): لا سلامة حضرتك ألف سلامة، إن شاء الله صحتك تتحسن عندنا.
--------------------------------------------------
أنا: يا جماعة أهمدوا بقى!! إرحموني شوية من الدوشة والزن على دماغي! غريبة أن هذه الأفيال بآذانها الضخمة لا تسمعني عندما أشتكي منها!
--------------------------------------------------
في الغرفة، أعتقد أني نمت! يصعب التأكد من ذلك في ظل أن أمل باتت في فراشها تعمل ولا تعبأ بالفوكس، وهيام تسمع أغاني عاطفية وهي سرحانة في حب الفوكس، وكمال يفكر فيما سيرتدي غدا للقاء الفوكس، ومنذر يحسب ويخطط وينظم تفكيره لما سأقول وأعمل وما سيقول ويعمل الفوكس.
--------------------------------------------------
في صباح اليوم التالي:
بدأت الطقوس اليومية المقدسة وكأني في بيتي. عادتا ما أرتدي ملابسي وأضع زينتي وأنا أسمع الموسيقى وأرقص. هذا يدخلنا جميعا في حالة من النشاط الرائع حيث يؤدي كلٌ منا رقصته، أمل تتحرك برشاقة تدريباً لنفسها على ال stage movements تحضيراً لمحاضرتها. كمال يوجهها للوصول إلى أفضل نتائج ممكنة. هيام ترقص وتغني بأعلى صوتها، منذر ينظم حركة الجميع بحذر حتى لا نرتطم ببعض.
أنتهت هذه الرقصة الجميلة باتصال الفوكس حيث كان منتظرا في سيارته.
--------------------------------------------------
في الأسنسير:
بدأت حالة التعبيئة والإستعداد. وبآلية معجِزة أتخذ كل فيلق من الفيالق مكانه. أتخذ كل من أمل ومنذر أماكنهم الإستراتيجية التكنيكية التكتيكية في المقدمة لضمان عدم نجاح الجيش الأخر في اختراق الصفوف للوصول لهيام. كمال يلتزم الحياد في العموم حتى يحتاج الموقف لتدخله. ما تحزني كثيرا هو شحوب لون هيام في مثل هذه المواقف الحربية.. أقصد العاطفية، ولكن هذه ملحوظه غير مهمة.
أثناء نزول الأسنسير سمعت هيام تدندن بالموال الأتي:
الفوكس الفوكس الفوكس،
الفوكس ياخويا الفوكس،
حبيبي الفوكس الفوكس.
ولكن هذه أيضا نقطة فرعية.
--------------------------------------------------
حبيبي الفوكس.. أحم أقصد الفوكس بس فقط (فلا أحد يعرف النصيب فين، يمكن تحت الكنبة ويمكن ورا الطربيزة أو ماشي عالحيط) هذا الفوكس المصري أسمر اللون. أنا لا أحب الفوكسز البيض، طويل القامة فأنا لا أحب الفوكسز القصار، يرتدي نظارة شمس طبية، فهو فوكس أكاديمي مثقف ويعتبر من عقول الأمة المفكرة. كان ينتظرني في سفينته الرمادية المضلعة. رمقني بنظرة فوكسية ساحرة عندما ركبت وقال لي: "هاو هاو!" وقبل أن أرد:
هيام: اللااااااااه! شاعر!
منذر: تُرى ماذا يقصد؟
أمل وكمال: ضعيف البلاغة، ضعيف العقل ومخارج ألفاظه أشبه ما تكون بمخارج ألفاظ الليمبي.
الفوكس: تحبي نروح فين؟
كمال: المنتزة. جمال المكان مثالي.
الفوكس: عايز أتكمل معاكي في كام موضوع مهم.
هيام: بعدين لما نوصل. خلينا دلوقتي نسمع أغاني حلوة ونغني ونضحك ونتكلم.
الفوكس: فكرة هايلة. ضحكتك جميلة.
وهنا انقض عليه منذر: كلمة كمان وها... تيييييييييت بطن ظهر كفك!
أمل (باستهزاء شديد): عارفة. أنت مش أول واحد تلاحظ كده.
هيام (تبتسم بشحوب): صحيح؟ شكراً على عطفك دا.
وانطلقت أنا والفوكس نجري بالسفينة المضلعة. نضحك ونتكلم في توافه الأمور. كان وقتا لطيفا. غريبة هذه الفوكسز، منهم من يمتلك عقلا راجحا ولا يمتلك ذوقا فنيا ولا حسا رفيعا مرهفا، ومنهم من يمتلك الحس والعقل ولا يمتلك المرح ولا الجاذبية، ومنهم من يمتلك كل ذلك ولا يمتلك القلب المؤمن، ومنهم من يمتلك كل ذلك ولكن يفشل في اجتذاب هيام (بنظرها الضعيف) إليه. وفي كل الحالات كمال غير راض، وأمل ترغب في المزيد من كل شيء، منذر قلق وحذر جدا، وهيام خائفة وممزقة وضعيفة.
--------------------------------------------------
ونحن جميعا نتمشى في المنتزة، دار الحوار التالي:
الفوكس: تشتغلي معايا في الشركة بتعتي لما نتجوز؟
أمل: هو إحنا هنتجوز؟ أنت معرضتش عليا قبل كده!
الفوكس: منا بقولك أهوه.
كمال: أنا أسف – مش موافق. كان المفروض العرض دا يكون أحسن من كده في كل شيء.
هيام (وهي غارقة في دموعها ولونها شاحب كالموت نفسه): يعني أنت عايز تتجوزني عشان تضرب عصفورين بحجر؟! زوجة هايله وست لطيفة وموظفة ببلاش؟
وكأن الفرصة جاءت سانحة لمنذر:أنا قلت لكم قبل كده ألف مرة: هذا الشخص لا يصلح، سيء النية وأناني واستغلالي ولا يحب هيام أو بالأحرى يحب أمل هذا الحب الأناني المريض، يحبها لنفسه لما فيها من منفعة له.
كمال: أنا أحتقر هذا الكائن من كل قلبي. أمل، مالك ساكته كده ليه؟ حينها انتبهت أن أمل تحتضن هيام بقوة تغطيها، فلا يظهر منها شيئا تقريبا. هيام غارقة في بحر من الدموع وانكسار القلب والإحباط والخوف والشك في قدرتها على حسن اختيار شريك الحياة. أما أمل فكانت تحتضن هيام وجهها جامد بلا انفعالات، بلا حراك وعيونها شاخصة زاهله. كأنها لا ترى، ليس فيها نظر، ليس فيها نور.
وسط كل هذا الجنون، شرعت برأسي ونظرت إليه وإلى كل نمط الحياة التي يمثلها هو، وأخذت نفسا عميقا وقلت بأعلى صوتي:
أنا حُرة!! أنا حُرة! أنا حُرة وهفضل طول عمري حُرة. حُرة من الأسر. كل أسر. أسر التصور أنك فعلا بتحبني، أسر وهم أني مقدرش أعيش وأعيش سعيدة من غيرك، أنا حُرة. حُرة منك ومن الحُزن ومن أسر ذكرى كان المفروض تكون سعيدة. أنا حُرة من أسر الغلط، حتى من أسر الغضب، انا حُرة من أسرك، حُرة منك ومن الميل إليك، أنا حُرة حتى من كراهيتك، الكُره زي الحب، كُله أسر. أنا حُرة حتى من الكُره. ومن سيأتي بعدك سيهزأ منك، دون أن يعرفك، على ما فاتك بغباءك. أنا سأعيش بعدك وشجن تجربتي معك سيزيد من عمقي وسيوضح ألواني. أنا، أنا حُرة وسأعيش من بعدك حُرة وأسعد وأجمل.
--------------------------------------------------
في المساء،
أرتديت فستان للسهرة على زوق هيام أحمر في أسود، أدقنت وضع طلاء أظافري الأحمر وأحمر الشفاه بمساعدة كمال ونزلت لحفلة مقامة في الفندق كان أصدقائي (البشر) قد قرروا حضورها. في صخب الحفل كانت هيام صامته. نجحت أمل بكثرة حديثها عن العمل في إشغالها عن مشاكلها. كمال حريص على أن يحافظ على مزاجي رائقا طوال الوقت، منذر رجل حراسة هُمام فشر إسماعيل يس في "إسماعيل يس في الشرطة". دعاني أحد الأصدقاء للرقص، وأنا على خشبة المسرح أرقص وأضحك سمعت المغنية تقول: "أنا حُرة. أنا حُرة من الزُل والقهر والكُره والأسر والحزن والغضب. أعرف أني شجية، لكن أنا حُرة، حُرة وسعيدة. أنا مليئة بالحيوية، مليئة بالحياة. أنا حياة. أنا الحياة."
الجمعة، يناير ٢٢، ٢٠١٠
السبت، يناير ٠٢، ٢٠١٠
رحلتي والأفيال الأربعة - الحلقة الأولى
الحلقة الأولى:
على طريق الإسكندرية (اسمه القاهرة – الإسكندرية الصحراوي لكني أفضل عدم ذكر القاهرة مقترنة بالإسكندرية ما استطعت) قررت تشغيل الموسيقى حيث أنني لا أتصور أن أكون في حالة أو وقت أو موقف يمكن فيه أن أسمع موسيقى ولا أسمع. استأذنت كوكبة الأفيال في أن أسمع ماجدة الرومي ليس فقط لأني أحبها صوتا وفنا ولكن لأنها من الأصوات النادرة التي اتفقت عليها رأي كل من هيام وأمل في أنها رائعة. كمال لا يحب كثيرا من أغاني ألبومها "أحبك وبعد" حيث أنه قد أستشعر بعض النشاذ في بعض الأغاني حين تفتح صوتها في قمة أو نهاية بعض الكُبليهات. منذر لا يحبها لأنه يراها نقطة في منظومة زحف الثقافات غير المصرية إلى الوجدان المصري الأصيل، وكون ملحنها الأساسي جمال سلامة (المصري) لا يزيد الموقف تعقيدا. زد على هذا أن نوع الفن الذي تقدمه يحتوي على كم من الغضب والإحباط يساعدان المستمع على خروج من حالة الثبات الإنفعالي اللائقة وبعد مناقشة حامية الوطيس بين الأفيال الأربعة قررت تشغيل النشيد القومي حيث أنه من الصعب الخلاف حوله ثم بعض الموسيقى الهادءة المُهادءة للأعصاب.
عند مدخل المدينة دار الحوار الأتي:
أنا: هيه! هتكلوا أيه وفين يا شباب؟
الجميع في وقت واحد وبصيغ مختلفة: زي ما تحبي، أللي نفسك فيه. وقبل أن أرد،
كمال: أنا رأي نروح Fish Market سمك وفير، أطباقهم رائعة خدمة جيدة منظر البحر هناك لطيف.
أمل: لكن أسعارهم مبالغ فيها والجو العام للمكان غير مريح حيث هناك كثير من غير المصريين. أنا رأي نروح سان ستيفانو، حتى هناك ممكن أشوف بعض الزملاء وأعرف أخبار الشغل في الإسكندرية.
هيام: شغل أيه؟ إرحميني بقى!! أنا نفسي أروح المطعم الجريجي، موسيقاه جميلة، الديكور جميل، الناس هناك هادئين كده مش مستعجلين وعايزين يكلوا ويجروا وكمان فيو البحر هناك يجنن.
منذر: فيو البحر؟ هو أنت نظرك بيجيب البحر من هناك فوق؟ يا هيام فوقي؟ وبعدين إفرضي روحنا لقينا الجريج دول حطين يافطة كده من عينة "ممنوع دخول ولاد أبو اسماعين." بتاعة بوحه. أنا بقول نروح محمد أحمد بتاع الفول والطعمية واهو يبقى غدا وعشا.
فقت وأنا أصرخ في الجميع حتى أصبت تصداع بعدها: "بااااااااااااس! أنا هأكل تشيكن سيزر سلاد من تريانون عشان صحي زي ما كمال وأمل بيحبوا وهو عالبحر يا هيام ومفيهوش قلق يا منذر.
أنا كلت واتبصت لكن كان ممكن أكون أسعد وحياتي تبقى أسهل لو مكنتش بحاول أرضي الأفيال الأربعة كلهم وفي وقت واحد. أنتظروا الحلقة القادمة حيث قابلتهم بالفوكس! ;)
على طريق الإسكندرية (اسمه القاهرة – الإسكندرية الصحراوي لكني أفضل عدم ذكر القاهرة مقترنة بالإسكندرية ما استطعت) قررت تشغيل الموسيقى حيث أنني لا أتصور أن أكون في حالة أو وقت أو موقف يمكن فيه أن أسمع موسيقى ولا أسمع. استأذنت كوكبة الأفيال في أن أسمع ماجدة الرومي ليس فقط لأني أحبها صوتا وفنا ولكن لأنها من الأصوات النادرة التي اتفقت عليها رأي كل من هيام وأمل في أنها رائعة. كمال لا يحب كثيرا من أغاني ألبومها "أحبك وبعد" حيث أنه قد أستشعر بعض النشاذ في بعض الأغاني حين تفتح صوتها في قمة أو نهاية بعض الكُبليهات. منذر لا يحبها لأنه يراها نقطة في منظومة زحف الثقافات غير المصرية إلى الوجدان المصري الأصيل، وكون ملحنها الأساسي جمال سلامة (المصري) لا يزيد الموقف تعقيدا. زد على هذا أن نوع الفن الذي تقدمه يحتوي على كم من الغضب والإحباط يساعدان المستمع على خروج من حالة الثبات الإنفعالي اللائقة وبعد مناقشة حامية الوطيس بين الأفيال الأربعة قررت تشغيل النشيد القومي حيث أنه من الصعب الخلاف حوله ثم بعض الموسيقى الهادءة المُهادءة للأعصاب.
عند مدخل المدينة دار الحوار الأتي:
أنا: هيه! هتكلوا أيه وفين يا شباب؟
الجميع في وقت واحد وبصيغ مختلفة: زي ما تحبي، أللي نفسك فيه. وقبل أن أرد،
كمال: أنا رأي نروح Fish Market سمك وفير، أطباقهم رائعة خدمة جيدة منظر البحر هناك لطيف.
أمل: لكن أسعارهم مبالغ فيها والجو العام للمكان غير مريح حيث هناك كثير من غير المصريين. أنا رأي نروح سان ستيفانو، حتى هناك ممكن أشوف بعض الزملاء وأعرف أخبار الشغل في الإسكندرية.
هيام: شغل أيه؟ إرحميني بقى!! أنا نفسي أروح المطعم الجريجي، موسيقاه جميلة، الديكور جميل، الناس هناك هادئين كده مش مستعجلين وعايزين يكلوا ويجروا وكمان فيو البحر هناك يجنن.
منذر: فيو البحر؟ هو أنت نظرك بيجيب البحر من هناك فوق؟ يا هيام فوقي؟ وبعدين إفرضي روحنا لقينا الجريج دول حطين يافطة كده من عينة "ممنوع دخول ولاد أبو اسماعين." بتاعة بوحه. أنا بقول نروح محمد أحمد بتاع الفول والطعمية واهو يبقى غدا وعشا.
فقت وأنا أصرخ في الجميع حتى أصبت تصداع بعدها: "بااااااااااااس! أنا هأكل تشيكن سيزر سلاد من تريانون عشان صحي زي ما كمال وأمل بيحبوا وهو عالبحر يا هيام ومفيهوش قلق يا منذر.
أنا كلت واتبصت لكن كان ممكن أكون أسعد وحياتي تبقى أسهل لو مكنتش بحاول أرضي الأفيال الأربعة كلهم وفي وقت واحد. أنتظروا الحلقة القادمة حيث قابلتهم بالفوكس! ;)
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)