قضيت أسبوع في الساحل الشمالي. ليس في مارينا أو احدي القرى الساحلية المعروفة، ولكن في فندق سياحي في خليج
لفت نظري جدا عالم المصريين العاملين في المكان. هؤلاء ليسوا الخدم غير المؤهلين الذين نصطدم بهم في كل مكان للنزهة في قاهرتنا الحبيبة، هؤلاء مجموعة تتحدث الإيطالية بطلاقة و واضح عليهم حسن التدريب و الخبرة. يتعاملون مع الأجانب بذوق واضح و لكن بتحفظ شديد في نفس الوقت. جميل إذن ما تراه أنت الآن، عامل مصري كفؤ، سعيد بالعمل مع "الخواجات" (يعني آخر حاجة يحب يشفها هي شوية مصريين هربانين من مارينا و جايين هنا بقي يقرفونا!) لكن انظر ما حدث حولي
ذات مرة كنت في البوفيه المفتوح واقفة أمام الشيف يقطع لي بتركيز شديد و بشكل ألي قطعة لحم، بعد أن وضعها في طبقي كنت علي وشك أن أقول له "thank you" كالمعتاد و لكن لم أري وجاهة في ذلك. هو مصري و أنا كذلك، و في بلادنا العامل الذي يصنع لك شيء بيديه تشكره قائلا "شكراً، تسلم أيديك" فلما "thank you" إذن؟ بمجرد أن سمع "تسلم إيديك" رفع وجهه و لمعت عيونه السوداء و أشرق وجهه المصري الأسمر بابتسامة عريضة فيها دفء واضح و قال "العفو يا ست الكل، بالهنا و الشفا.. أجبلك كمان؟
كل ما فعلته هو أنني قلت لهذا العامل بطريقة غير مباشرة: (خواجات إيه ؟ و إحنا مالنا و مالهم يا عم ؟ أنا بشكرك أنت .) فأشرق الوجه المصري البديع يرد (أنتي أحسن عندي منهم
مرة أخرى كنت ألعب مع ابنة أختي ذات العام الواحد، فأوقعت "التيتينا" من يدها و الجرسون يضع لنا ما طلبنا، بشكل ألي جداً رفعها من الأرض فشكرته و ابتسمت لها قائلة "قوليله bye" فضحكت له و "بعتتلوا بوسة في الهوا". ابتسم في شجن و قال: "ربنا يخليهالك. أنا كمان عندي ابن في إسكندرية. زمانه بقى عنده تلات شهور دلوقتي." فهمت بعدها من كلامه أن الطفل ولد و هو هنا يعمل في "الهاي سيزون" حيث لا يمكن أن ينزل إجازة ليرى مولوده
و مواقف أخرى عديدة من نفس النوع، كلها تري في أولها الماكينات المصرية السمراء تعمل باجتهاد و هي مطأطئة الرؤوس